شذرات عن إيمان أبي طالب شيخ البطحاء أبو طالب الدرع الواقي لرسول الله ( صلى الله عليه وآله )
منذ بزوغ شمس الرسالة إلى يوم قبضه الله إليه ، حيث وقف كالسد المنيع يحول بينه وبين الوثنية - وهي القوة العظمى التي كانت حينذاك تمسك بمقدرات الجزيرة العربية - وبين تحقيق أهدافها في وأد الرسالة السماوية ، والدعاة لها .
وله في سبيل ذلك مواقف مشهورة تفوق الإحصاء ، وإجمالها يحتاج إلى كتاب مفرد ، ولكن هذا التأريخ بدفتيه مفتوح بين يديك ، ويكفيك أن تطالع فيه صفحات أيام الضغط على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وذويه والمقاطعة
الشاملة لهم ، وحبسهم في ( شعب أبي طالب ) لترى أن أبا طالب كان الرجل الوحيد الذي تعهد حفظهم وحراستهم وتكفل أرزاقهم . وكفاك شاهدا على عظيم منزلته عند الله ورسوله ، أن الرسول لا ينطق عن الهوى ، اشتد وجده ، وهاج حزنه
بعد وفاة عمه وناصره أبي طالب ، وسمي ذلك العام بعام الأحزان ، ولم يمكنه بعدها المقام بمكة فاضطر للهجرة إلى يثرب
( المدينة المنورة ) .
أما قول أبي طالب وأشعاره المثبتة في كتب السير والتأريخ والحديث ، والتي يرويها المخالف والمؤالف ، فهي صريحة في اعترافه برسالة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ونبوته وأمانته وصدقه ، وأنه يوحى إليه من ربه ، وهو خاتم الأنبياء ، وتعرب عن كمال إيمانه وحقيقة إسلامه ، وإخلاصه لصاحب الشريعة وتفانيه في نصرة الإسلام وحماية بيضته .
وكل أشعاره جاءت مجئ التواتر ، فإن لم تكن آحادا متواترة مجموعها متواترا يدل على أمر واحد لا غير وهو إيمانه وتصديقه برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
وأما ما يروى عن آله وذويه وولده ، فصريحة في إثبات إيمانه ، ولم يؤثر عنهم ما يخالفهم ، بل أكدوا أن " إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان ، وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى ، لرجح إيمان أبي طالب.
وكتبوا إلى بعض ثقاتهم وخاصتهم : إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار . ورغم كل ذلك فقد حاول بعض من في قلوبهم مرض ، وممن فاتهم إيذاء الرسول ( صلى الله عليه وآله ) في حياته ومحاربة دعوته ، أن يقوضوا دعامة من دعائم الإسلام المثبتة من خلال تشكيكهم في إيمان أبي طالب ، تلك المحاولة التي
باءت بالفشل الذريع ، لأن نور الشمس لا يحجبه غربال ، ونتيجة لتصدي جماعة من كبار علماء الإسلام وأعلامه لهم ، وكشف دسائسهم ومكائدهم ، وفضح أهدافهم الخبيثة . وقد ألف في ذلك 37 كتابا فخما ، فراجع المصدر